اخبار الأدب والثقافة

الأحد، 14 أغسطس 2011

"السنونو" في حفلها السنوي الأول

"السنونو" في حفلها السنوي الأول

دنيا الرأي

دنيا الرأى : رشيد قويدر

"لفلسطين نغني ... للعروبة نغني ..."
أنهى الكورال الغنائي لأطفال فلسطين في سوريا؛ أنشطة ناديه الصيفي، وأقام حفلته الغنائية المفتوحة على مسرح "حلوة زيدان"، وشملت نشاطات النادي فضلاً عن الموسيقي الغنائي الأساسي: المسرح، الرقص، السيناريو، التعبير وكتابة نصوص الإبداع، الرسم، ونشاطات فنية ترفيهية للأطفال، وفي سياق إعلان "جمعية روستروبوفيش ـ فشنفسكايا" في سوريا كورال "السنونو" لأطفال فلسطين. وشكل النادي الصيفي بجهوده الكبيرة، مناسبةً للتفاعل الإبداعي بين الأطفال، جهود دؤوبة لافتة، وانهماك بالاستعدادات ممزوجة بحلاوة الفرح الطفولي، فرح العيون والقلوب الصغيرة المتطلعة إلى الأمل، كما قال المبدع السوري الكبير سعد الله ونوس: "محكومون بالأمل"، والطفولة الفلسطينية بالذات رغم اللجوء خارج الوطن، وفي دمشق الياسمين العريقة، المهد الأول للموسيقى منذ الأزل ونهرها الراهن، ومن عمق فضاءاتها العربية، ومن ياسمينها المعانق للشهيدة الفلسطينية "حلوة زيدان"؛ انفتحت الآفاق مجدداً بما يجب علينا أن نعمله، وكيف نصنع الأمل والفرح ...
القيت في الحضور الحاشد كلمات مقتضبة مكثفة قدم لها الفنان اسماعيل طرابلسي، وكلمة جوان قرة جولي – مسؤول المعاهد الموسيقية في سوريا في وزارة الثقافة ومدير "معهد صلحي الوادي" – وقد عبر فيها أن "الطفولة الفلسطينية هي ربيع الثقافة الفلسطينية"، وأن المبدع الفعال هو الذي يحتفظ ببراءة ونقاء الطفولة، والابداع والثقافة ليس ترفاً في حياة الشعوب"، مؤكداً علينا ان نثيرها في مراكمة الفضاءات التفاعلية الإبداعية، وها هو الجمهور ذاته يدخل في التجربة والمشاركة، هذه هي سياستنا الثقافية في سوريا وهي خليقة بهذا الربيع، وفي الموسيقى عن طريق التفكير والأداء نحو الخيال الجماعي، نريد الطفولة الفلسطينية ان تتقدم في كل أماكن تواجدها، وامامنا الكثير كي نفعله.." وفي مقدمة الحضور أيضاً الاستاذ والمربي سمير عبد الرحيم نائب مدير التربية والتعليم في وكالة غوث اللاجئين (الأونروا)، الذي أكد في كلمته؛ تقديره للجهود واعجابه بالنجاح، محيياً الطفولة وكل من يعشق الثقافة ويحلم بربيع فلسطيني جديد، وقال: "سنبذل جهدنا كي نستعيد الموسيقى وكي تحيا في مدارسنا، وفي كل ميادين الحياة الاجتماعية، نقدر هذا الأبداع ورعايته، سنوسع نطاقه في سياق مكانة الثقافة"،والقى العميد نبيل يعقوب "مسؤول التوجيه المعنوي في جيش التحرير الفلسطيني" في سوريا، كلمة مؤثرة، وبأن هذا الجيل الفلسطيني هو امتداداً للوطنية الفلسطينية، لكنه معمق بالابداع والتجديد نحو المستقبل، وعلينا ان نقدم له ما يرفعه إلى الأعمال الكبرى.
اليوم 28/7/2011؛ صدحت الطفولة الفلسطينية بنشيد "بلاد العرب أوطاني"، النشيد الذي كتبه فخري البارودي، ولحنه الأخوان فليفل؛ لترجمة الانتماء الوطني الأصيل بمفهومه الإنساني الرحب، المفهوم التحرري جاء على حناجر الطفولة كنداء للحث على التقدم العربي في بلدانه من أجل مستقبل أفضل لأبنائه جميعاً ... كما جاء نشيد "نحن الشباب" الذي كتب كلماته الأخطل الصغير ولحنه الأخوان فليفل لتأكيد هذا الإرث ومناحي توجهه ...
حفل أطفال فلسطين في "حلوة زيدان" استدعانا من عمق ذاكرتنا حين كنا صغاراً ونحلم بالوحدة العربية، ونهتف لها ونسير في مظاهراتها، وشخصياً كنت أعتقد أن صراخي وصراخ زملائي سيفتح البلاد العربية لنتنقّل بها من "بيت إلى بيت" كما نزور جيراننا ...، وعندما كبرنا إلى يفعان الشباب؛ أدركنا أن هذه الشعارات ستوصلنا إلى مراكز الأمن والمعتقلات في غير بلد عربي، فهي "جريمة يعاقب عليها القانون" ... لنرى اليوم إلى ما حلّ بهذه الوحدة ...
ما أبهى ... وما أجمل ... وسوريا التاريخية نهر الموسيقى منذ الأزل، وأرض انهمارها من الجنة، ومع مدير المشروع الأستاذ الفنان الفلسطيني إسماعيل طرابلسي مجموعة من الأساتذة السوريين، نخبة من أساتذة "معهد صلحي الوادي للموسيقى"؛ المعهد الأكثر شهرة على مستوى الشرق الأوسط في هذا الاختصاص، وهو المشرف على كورال "السنونو"، وفي سياق العناية الخاصة التي يوليها مدير المعهد الفنان والمربي القدير جوان قره جولي، وقد خصص نخبة من الأساتذة المرموقين من خريجي المعهد، نخص منهم الأستاذة جمانة حلواني والياس حداد وريبال خضري، فضلاً عن إشراف مدير المعهد المربي القدير، الذي يردد دوماً "نريده جسراً ثقافياً واحداً مع الوطن فلسطين، وإن اختلفت جغرافيا اللجوء وبما ينبغي أن تكون عليه الجهود"، وأن تكون فلسطين "مصب كل بلد عربي"، أما الهدف فهو "كماً ونوعاً"؛ وقد زاد النوع والكم في الملائمة والتدريب ...
نهنئكم اليوم بالنجاح الموسيقي التربوي، وإلى الأستاذة جمانة والياس وريبال؛ لقد تمكنتم اليوم من أن تثبتوا ما رددتموه طوال عامٍ بصبرٍ ومثابرة دؤوبة، بأن يثبت الأطفال حضورهم وإبداعهم، فهذا الإبداع الأصيل هو من منبع واحد، عمق الأصالة الإبداعية السورية ... وعمق العطاء ... ونحو عام دراسي جديد نتوحد به، لقد أكدتم رسالتكم، أكدتم صدق حماستكم المثقفة، وأكدتم بالكفاءات الكبيرة ... نحو خلق كفاءات جديدة، وأنتم المبدعون محكومون بالحلم والأمل، وأطفال فلسطين محكومون بالأمل وبإزالة الجدران العازلة والسدود والحدود ... فما أطهر من صوت الطفولة ... كركرات ضحكاتهم وفرحهم ...
كما يجدر التنويه؛ أن مع هذه النخبة المرموقة، كانت اللجنة المشرفة والمجتمع المحلي، يتبادلون دورياً وبوقفات؛ إعادة النظر في السلب والإيجاب نحو الجدوى، وتبادل الرأي واكتشاف الرؤى عن السبل الخلاقة، بكامل الصراحة في الطرح صادقين مع الأنفس؛ والحلم الذي تحقق ليس ابن اليوم، فقد كان حاجة مرارة الفقدان مع اللجوء، وكان حلماً لكثير من الأوفياء الباسلين، ما دمنا جميعاً حاملين لرسالة الإبداع النبيلة، وما دامت الرسالة هويتنا وجواز سفرنا، بعد أن بات العالم صغيراً وغدا تحقيق الأحلام متسعاً ومتسعاً ... بما يجب علينا أن نعمله جميعاً؛ لإيصال صوتنا وهويتنا ...
في هذه السعادة الغامرة غنى الأطفال "وين عَ رام الله"، وغنوا للفيروزة "نَسّم علينا الهوى ..." كدعوة للعودة في رحلة متون وخلاصة الأشياء واكتمالها نحو الوطن المستلب، قالوا: "للعروبة نغني ... لفلسطين نغني" وبعض الأغاني دماء ... قال الأطفال: "بيني وبين فلسطين حبل السرة ... مثل طفل وحلمه ... وعشق دلالٍ وبيتٍ ... وفلسطين مجد الطرب ... الطفولة فجرٌ ... مثلما البرق الفلسطيني إذا ما ضرب.. من فوق "مجد الشمس"... أضحت الدنيا غضب ... فهزّي يا مريم نخلة الرب ... يتساقط أشهى الرطب ... يا وطن الفقراء المستلب ... بالبدء كانت الكلمة ... وكنت أجمل ما قُرأ وما انكتب ... الروح بلا وزن والربُّ سعيد" ...

الأغاني المقدمة أيضاً: "طير وعلّي يا حمام ، طلعت يا محلا نورها شمس الشموسه، الحلوة دي قامت تعجن بالفجرية، زوروني كل سنة مرة، طير وعليّ ياحمام، البنت الشلبية عيونا لوزية، هلا لا لا ليا، "ستي إلها ثوب وشال، يا ظريف الطول"، ومن أغاني التراث الشعبي والإرث الفني..

كما توجه كورال "السنونو" واللجنة المشرفة والمجتمع المحلي، بتوجيه الشكر الجزيل للواء محمد طارق الخضراء رئيس هيئة أركان جيش التحرير الفلسطيني في سوريا؛ على رعايته وحدبه وكرمه، باستضافة النادي الصيفي على مسرح "حلوة زيدان"، مكان الحفل السنوي ومكان تدريبات الجوقة، الشكر الجزيل والكثير من الحماسة التي تختصر المشاعر والتأثر، ولا ريب وهو المناضل المخضرم فليس من كلمات تستطيع الإحاطة بالأحاسيس التي تصعب وصفها ...لمن يحترف الانتماء للعروبة، ويناضل من أجل أن يجمع قواها، ومن أجل مستقبل أفضل لأبنائها؛ وهو من الجيل المنشد لـ "موطني" نشيد إبراهيم طوقان وألحان الأخوين فليفل ....

شكراً وتحية من الأطفال لجيش التحرير، جيش "الشهادة أو النصر"، نردد لكم رائعة طلال حيدر:
لبسوا الكفافي ومشوا ما عرفت مينن هنّ (...)

راحوا لبسوا العتم قامات مهيوبة
ناديت بالله ارجعوا ما تلفتوا صوبي (...)

حفل الأطفال ... عصافير فلسطين في نهر الموسيقى ... الحماسة ولمعات العيون ... الأيدي كالأوراق ... القلب الصغير يخفق تعبيراً عن الصفاء ... أزهار في مرج رقيق ... تحت سماء خفيضة حانية ... نحو الحياة ... الحياة ... هي غنية عن التعبير ...

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More