غياب الهوية.. يفتح باب التأويل
جريدة الاتحاد الإماراتية جهاد هديب
شرعت الهيئة العربية للمسرح مؤخرا بإصدار سلسلة “نصوص مسرحية” التي تُعنى بنشر النصوص الأدبية المسرحية عربيا. كانت باكورتها ثمانية نصوص مسرحية من الإمارات صدرت في جزءين، ضمّ كل منهما أربعة أعمال لم يسبق نشرها كما لم يجرِ عرضها كلها على الخشبة من قبل، سواء مأخوذةً كما هي أو تمّ إعدادها. وقد واصل “الاتحاد الثقافي”، تباعا، نشر متابعات نقدية وقراءات في هذه المسرحيات.
ما يلي قراءة في النص الأدبي المسرحي الأخير ضمن هذه المجموعة من النصوص المسرحية الأدبية الذي يحمل العنوان: “السدادة” للكاتب المسرحي صالح كرامة..
من غير الممكن في “السدادة” أن يحدد المرء زمانا ومكانا للحكاية وشخصياتها في بنية نص أدبي مسرحي متكامل بوسعها أن تحدد “هوية” واضحة للقارئ، أو للقارئ الذي يقوم بتخيُّل النص على الخشبة دون أن يرى النص وقد اكتمل في عرض بصري تحكمه رؤية إخراجية واضحة للعمل وحكايته وشخصياته، سواء تأويلا أو التزاما بالنص الأدبي ومقترحات المؤلف التي تتدخل في البناء السينوغرافي لعرض ما لهذا النص أكثر مما أنها تتدخل في الإخراج، وبالتالي الرؤية الإخراجية على نحو أسبق على ذلك.
ويحدث ذلك ليس بسبب الغياب الكامل لهذه الهوية أو امّحاء الموقف الانساني الذي يسند مخيلة التأليف على اجتراح الحدث والشخصية في إطار درامي، بل بسبب أنها نص أدبي فانتازي من ذلك النوع من الفانتازيا التي من الممكن تخيّلها لكن من غير الممكن حدوثها على أرض الواقع.
فغالبا ما تكون النصوص المسرحية أقرب إلى قراءة الواقع وإعادة إنتاجه وفقا لحراك اجتماعي سياسي ما ولمعطياته الراهنة وتأثيراته على الأفراد والمجتمع بكل ما يتركه عليها من تحولات في القيم والأخلاق والعادات والتقاليد، وكذلك وفقا لسياق نقدي يجترح الحدث وشخصياته في إطار حكائي يستند إلى ما يحدث على أرض الواقع إلى حدّ انه لا انفصال تقريبا بين المتخيَّل الواقعي، إذا جاز التوصيف، والمتخيل الفني في النص الأدبي المسرحي مع الأخذ بعين الاعتبار أنه ما من تنازل هنا عن الشروط الفنية وعن القيمة الدرامية للعمل التي تكثّف من الحدث والشخصية بحيث يكون كل واحد منهما دالّ على الحدث والشخصية في الواقع. إنه أمر يشبه إلى حدّ بعيد وجهي العملة الواحدة لكن المختلفين وليس النقيضين.