شعراء الإنترنت
جريدة الصباح العراقية : سامر المشعل
كان العراق على الدوام الرحم الذي يلد الشعراء المؤثرين على مستوى العالم العربي في غالبية المراحل التاريخية، وقبل دخول الانترنت في الأفق الادبي، كجانب من التبادل المعرفي والثقافي في الإنتاج الشعري والاستيراد الثقافي، وتحديدا بعد التغيير، الذي حصل في ربيع 2003 .. دخل الانترنت من أوسع أبوابه كمعطى ثقافي، واصبح مساحة للنشر المجاني.
وجد فيه الشعراء عزاءهم في بث ما تجود به قرائحهم وارسالها الى المواقع الالكترونية، التي شرعت صفحاتها لكل خاطرة أو قطعة نثرية أو شعرية.. وعلى الرغم من أن العراق أرض خصبة لولادة الشعراء على حد قول محمود درويش ( إذا أردت ان تصبح شاعرا فكن في العراق فالناس يولدون هناك شعراء ).. إلا أن الانترنت صار يمثل فاصلا في الحياة الثقافية العراقية.
كان الشعراء الحقيقيون والمهمون، من السهولة تمييزهم ولكل شاعر أسلوبه وروحيته في الكتابة الشعرية وبسبب محدودية النشر والمتمثلة بشكل عام في الصحف العراقية الرسمية والتي تختزل في أربع صحف وبعض المجلات الأدبية المحدودة، لذلك ومن هذه المساحة المتاحة لا ينفذ الشاعر إلى الجمهور بيسر، إلا بعد غربلة وفحص وتمحيص من قبل مسؤول الصفحة الثقافية، لكن هذا لا يمنع نفاذ عدد من الشعراء من غربال مسؤولي الصفحات ومقاساتهم الشخصية بسبب المحاباة أو المصالح الذاتية.
وعندما أطل الانترنت كمساحة للنشر في الحياة الثقافية العراقية، أصبحت هناك مجانية للنشر على صدر صفحات الانترنت والمواقع الالكترونية والفيس بوك بما يحلو للشاعر، فالانترنت أوهم الكثيرين بأنهم شعراء، حتى توهم المتشاعرون، أنهم شعراء حقيقيون يمتلكون ملكة الشعر.. واكتظ بياض الصحف الالكترونية بسواد أشعارهم، والبعض أخذ يغذي عقدة الوهم لدى المتشاعرين بدافع المجاملة والفضول والتطفل بكتابة عبارات الإطراء والاعجاب.. وخصوصا اذا كن متشاعرات، حتى صار الشعراء الذين يكتبون الشعر أكثر من الذين يقرؤونه، ولا أعتقد أن هناك إمكانية لوقف سيل الشعراء المتدفق أو استحداث هيئة او محكمة مستقلة للتمييز بين الشاعر أو آخر مصاب بأوهام الشعر.