دور الأديب الآن
سلطة مؤثرة أم رغبة عابرة ؟
الصباح العراقية : أثير محسن الهاشمي14/08/2011
لمن نكتب ؟ للنخبة من المثقفين ؟ لعامة الناس؟ أكل الناس تقرأ ؟ وان كانت تقرأ فماذا تقرأ؟ السؤال الذي نتمنى ان نجيب عليه وبصراحة: هل الأديب اليوم قادر على ايصال رسالته الى المجتمع؟ أم ينحصر دوره بين الأدباء أنفسهم ؟هذه الأسئلة مدخل لأجابة متنوعة ، هي جل آراء متنوعة لعدد من الأدباء، بغية الوصول الى ما يدور في ذهن الكاتب الأديب من فكرة او تصور عما يكتب ولمن؟ وما مدى فعالية كتاباته في المشهد العراقي ؟ أكتاباتهم قادرة على تشريع قوانين أدبية جديدة في البلاد تكون قادرة على ان تزاحم القوانين السياسية ؟ كما فعل وليم بليك في قصيدة واحدة (the chimney sweeper ) كانت ردة الفعل ان شـُرّع قانون يحمي الأطفال في لندن من داء العمل، ورعايتهم رعاية مادية !أنستطيع نحن كما فعل وليم بليك ؟
أم ستبقى كتبنا تعبث بها الأرضة ، وتبقى المطاعم تلف صحفنا المقدسة لتختلط رائحتها المميزة برائحة الطعام ؟ لتكون ثقافتنا ثقافة حارة وشهية ومبكرة جدا ! طرحت هذه التساؤلات على عدد من الأدباء ، كانت آراءهم متباينة ، وتنم عما يجول بمشاعرهم تجاه هذه الاسئلة التي رحبوا بطرحها لاسيما ما يمر به العراق اليوم من أزمة حقيقية في مفاصل الحياة كافة .
الشعراء اشرعة العالم
تحدث لنا الشعر أجود مجبل قائلا :
لاشك ان ما أحدثه وليم بليك 1875 في لندن عبر قصيدته منظف المدخنة ، هو شيء كبير، ولكن من الصعوبة أن يتكرر هنا في أرض القيامات ، ولكننا سنقول كلمتنا ونمشي ستحدث اشياء كثيرة لا شك في ذلك وقد لا نراها نحن، ولكننا سنؤسس لوضوح قادم : الشعراء هم أشرعة العالم كما قال ( لينين).
ثقافتنا نخبوية
اجابنا الشاعر جمال جاسم أمين بقوله :
ربما بسبب ظروف متادخلة أصبحت ثقافتنا نخبوية وهي بهذا الوصف فقدت تأثيرها السوسيولوجي تدريجيا، الآن في ظل المتغيرات وصلت الأمور الى حافات حادة، الأدب فن قولي بينما الحياة فعالية عابرة للمقولة، الحياة تجربة كيانية تحتاج الى اعادة انتاج ثقافة المقولات لأنها شعاراتية لا تنتج سوى مزيد من الأدلجة التي أصبحنا نعاني من فائضها غير المجدي.
توفير مناخ ملائم للأديب
أما الشاعر أحمد عبد السادة فأكد ضرورة توفير مناخ ملائم للاديب : في الحقيقة تحتاج رسالة الأديب، كي تصل الى المجتمع الى عوامل عديدة منها ضرورة توفير مناخ ملائم للأديب كي يكون فاعلا ومؤثرا في المجتمع ، وتوفير هذا المناخ لا يمكن ان يكون من دون تأمين الجانب القتصادي للاديب لكي يستطيع ان يكرس وقته لترصين خطابه الثقافي وايجاد السبل الكفيلة بايصال ذلك الخطاب الى المجتمع للتأثير فيه بشكل ايجابي وخلاق.
فعالية الأدب بطيئة التغيير
وأكدت القاصة أزهار علي حسين على ان فعالية الادب في العراق يعد فعالية بطيئة التغيير : ((فعالية الادب والثقافة في مجتمع كالمجتمع العراقي تعد فعالية بطيئة التغيير قياسا بفعاليات اخرى كان من اهمها فعاليات الحرب والحصار الاقتصادي والطائفية، لكن ومع ذلك فان فعالية الأدب تعد ضرورية وحتمية ومعادلة لكل ذلك الألم الذي تنتجه الفعاليات الأخرى، خاصة وانه يمثل العنصر المضيء والوهج الجمالي الذي تتكئ عليه الحياة . اما بخصوص كون فعالية الأديب غير منحصرة في الأتحاد العام للأدباء، فأقول ان الفعالية الحقيقية للأديب لا تعد حركية ومنتجة دون ان تكون سلوكا حياتيا يجعل الأدب سلوك حياة .
الكتابة خروج من العقل الى الجنون
وتحدث الشاعر عصام كاظم جري عن هذا الطرح قائلا :كل مبدع يستطيع ان يخرج من محدودية المكان، لأن الكتابة هي خروج من الموطن الى المنفى، ومن الالتزام الى التمرد، ومن العقل الى الجنون.
كما لا يخفى على أحد ان القراء كثر ولا ينحصر عددهم في النخبة ، فاننا نجد المتلقي في كل مكان وزمان ، والمتلقي له ثقافة لربما تساوي او تعادل المنتج وربما ان العملية الادبية هي عملية انتاج فكلاهما منخرط بطريقة او باخرى في عملية انتاج الوعي، اذن القراءة وعي وانتاج الكتابة وعي آخر لا ينحصر هذا الوعي على النخبة الأدبية.
كثرة نوافذ المعرفة
اما الشاعر هيثم جبار عباس فكان له رأيه ايضا في ما طرحناه :الأديب اليوم من الصعب جدا ان يقدم رسالته للمجتمع ، وهذا ليس في العراق والوطن العربي، بل في جميع انحاء العالم، والسبب هو كثرة نوافذ المعرفة . المجتمع كان بحاجة الى الأديب، اما اليوم فهو بحاجة الى الانترنت والستلايت وسائل الاتصال السريعة، وفي لقاء بين الشاعر احمد عبد الحسين وشاعر امريكي، سأله الشاعر احمد عبد الحسين : هل ان الشعر مقروء في اميركا ام محصور على النخبة ، فاجاب الشاعر الامريكي بانه نخبوي، وهذا يعني ان الشاعر الاميركي ايضا لا يستطيع ايصال رسالته.