سلماوي: الحراك الثقافي لم يبدأ
سلماوي: الحراك الثقافي لم يبدأ
رئيس اتحاد كتاب مصر محمد سلماوي (الجزيرة نت) |
أجرى الحوار/ محمد الحمامصي
حملت رواية "أجنحة الفراشة" لمحمد سلماوي نبوءة الثورة، وحين انطلقت شرارتها لعب المؤلف من خلال موقعه ككاتب ومثقف ورئيس اتحاد كتاب مصر، دورا داعما لها، وأصدر الاتحاد أول بيانتأييد رسمي صدر يوم 26 يناير/ كانون الثاني تبنى فيه والأدباء والكتاب الأعضاء جميع مطالب الثورة، ومواصلة دعم مطالبها وأهدافها.
الجزيرة نت التقت سلماوي على هامش المؤتمر السنوي لاتحاد الكتاب وأجرت معه حوارا عن واقع الثقافة المصري في علاقته بالثورة، وما هو منتظر من المؤتمر والوثيقة المزمع إصدارها عنه.
هل تعتقد أن حراكا ثقافيا حقيقيا يحدث في مصر بعد ثورة 25 يناير؟ أم أن الأمر لا يخرج عن مجرد افتتاحيات وكلمات هنا وهناك؟
لم يبدأ الحراك الثقافي بعد، نحن مازلنا في مرحلة الثورة، الثورة لم تكتمل، والمثقفون والأدباء والمفكرون والفنانون جميعا منخرطون حتى هذه اللحظة في الثورة وتبعاتها، وانتظار المحطات السياسية القادمة، وهل سنبدأ بالدستور أم الانتخابات التشريعية؟
هذه ليست اللحظة المناسبة للحراك الأدبي والثقافي ولا للعمل الإبداعي، هذه لحظة ثورة هي في طور التكوين، حين تكتمل الثورة وتؤتي ثمارها عندئذ تحل لحظة الإبداع الأدبي وسنرى أعمالا كبيرة وكثيرة.
تقول إن المثقفين منخرطون في الثورة.. أين هم من الثورة؟ هل مجرد إصدار البيانات من خلف المكاتب يعد مشاركة في الثورة؟
الأدباء والمثقفون لم يكتفوا بإصدار البيانات، هم كانوا في ميدان التحرير منذ اليوم الأول، نحن أصدرنا في اتحاد الكتاب بياننا الشهير الذي سجل أول موقف في النقابات المهنية، بعد ذلك كنت أنزل إلى ميدان التحرير فأجد جميع الأدباء أعضاء الاتحاد، وغير أعضاء الاتحاد يشاركون في صنع الثورة.
حين تكون هناك ثورة نكون كأننا في حالة حرب، يستوي في هذا الجندي مع المفكر مع السياسي، كل يحمل السلاح ويقف في الميدان، ونحن مازلنا في المرحلة التي ينبغي علينا فيها جميعا أن نحمي الثورة وأن نضمن أنها على الطريق السليم لكي تحقق أهدافها التي لم تتحقق حتى اليوم.
ورقة العمل أو الوثيقة التي تنتظرون إصدارها عقب مؤتمر اتحاد كتاب مصر السنوي وستقدمونها للمجلس العسكري والحكومة والأحزاب وغيرهم، كيف تتوقع ملامحها؟
نحن حددنا الملامح في سبع نقاط: أولها دور الثقافة في بناء الدولة الحديثة، ثانيا تقدير دور المثقف وكينونته ومراجعة موقف الدولة منه ليقوم على الثقة بما يُطلق قدراته نحو الإسهام في بناء مصر الحديثة، ثالثا بما يمثله الاتحاد من ثقل فكري وإبداعي، ولما لأعضائه من رؤى خلاَّقة نلفت النظر إلى أهمية أن يكون للاتحاد ممثل أو أكثر في لجنة صياغة الدستور.
وستؤكد الوثيقة أيضا على حق المواطن المصري في حياة حرة كريمة وتكريس مدنية الدولة، ليس على حساب الدين والمعتقد وتأثيرهما وقيمتهما في وجدان الإنسان المصري، وكذلك تحقيق العدالة الاجتماعية كركيزة أساسية للمجتمع المصري، كما ستتضمن تحديد النقاط المفصلية بين ما هو إعلامي وما هو ثقافي، حتى يفيد كل منهما الآخر ويرسخ دوره.
هذه هي الملامح، لكن المؤتمر هو الذي سيكتب الوثيقة متضمنة مختلف الرؤى التي ستقدم من الأدباء، لكنها في جميع الأحوال ستعبر عن رؤية المثقفين والأدباء لمستقبل البلاد، وهي رؤية غاية في الأهمية، باعتبار أن هذه الفئة هي التي تخاطب العقل والوجدان، والتغيير يبدأ بالعقل والوجدان وليس خارجهما.
كمثقف وروائي تنبأت بالثورة في روايتك "أجنحة الفراشة" كيف ترى مصر المستقبل؟
أرى أننا في مفترق طرق وما لم نتكاتف جميعا لدفع البلاد إلى الطريق الذي نريده، فلن نستطيع أن نلوم أحدا لو انجرفنا يمينا أو يسارا بعيدا عن الطريق القويم، ثورة 25 يناير طالبت بالدولة المدنية، والدولة المدنية تعني أننا لا نطالب بدولة عسكرية ولا بدولة دينية، وأنا أرى أن هذا هو الهدف الأكبر الذي يجب أن تتكاتف جميع جهودنا من أجل تحقيقه.
لكن البعض يتخوف من تحالف مستتر بين المجلس العسكري الحاكم الآن وبين قوى إسلامية على رأسها الإخوان المسلمون؟
- هذه كلها تخمينات، وإذا كان هذا صحيحا فهو يشكل تهديدا لقيام دولة مدنية، لكن، حتى إن كان صحيحا فإنه مع تكاتف جهودنا جميعا لتحقيق الدولة المدنية لن يستطيع أحد أن يحيد عن ذلك الطريق.
بالنسبة لروايتك "أجنحة الفراشة" هل كنت تتوقع أن تحقق نبوءة قيام الثورة؟
بدأت كتابة هذه الرواية قبل عام من دفعها للنشر في أكتوبر/ تشرين الثاني 2010 ومن ثم انتهيت منها قبل ثورة تونس وثورتنا، وقد استشرفت فيها ما حدث، لأن المقدمات التي كانت موجودة تؤدي إلى تلك نتائج التي حققتها الثورة، لكنني لم أكن أتوقع أن يحدث ذلك بتلك السرعة، فقد فوجئت بالأحداث في هذا التوقيت مثل غيري.
كنت مهموما بالوضع السياسي القائم في مصر، الذي كنا نسميه تأدبا حراكا سياسيا، لكنه كان اضطرابا سياسيا، كانت هناك حركات احتجاجية قوية جدا تعبر عن نفسها مرة بالمظاهرات ومرة بالاعتصامات ومرة بالوقفات الاحتجاجية، مواجهة هذه الحركات كانت تظهر وتختفي بين الحين والآخر.