الشروق : هكذا تحدث القذافى يعلق على أحداث دولية كبرى ..ولا تستطيع منع نفسك من الضحك
الشروق : - سامح سامى ـ السبت 10 سبتمبر 2011
القذافى
فى 1883 كتب الفيسلوف الألمانى العظيم نيتشه (1844ــ1900) كتابا بعنوان «هكذا تكلم زرادشت».وفى 2002 أصدر المفكر نصر حامد أبو زيد (1943ــ2010) مؤلفه «هكذا تحدث ابن عربى».. وفى تاريخ غير معلوم، ربما السنة الماضية أو التى قبلها، أخرج معمر القذافى مجنون هذا الزمان، بعض الأوراق، يقال عنها إنها «كتاب» تحت عنوان «هنا العالم.. القذافى يتحدث»، دون تحديد الناشر، أو تاريخ النشر، أو حتى رقم للإيداع. وهو كتاب مجهول مقارنة بكتابه «الكتاب الأخضر»، الذى من المفترض أن يغير سياسة العالم، حسب تأكيد مؤلفه القذافى.
بالطبع، لا توجد مقارنة، فكتابا نيتشه وأبوزيد من أعظم الكتب الفلسفية والفكرية، إنما تجىء الإشارة لهما هنا، كنوع من الصدمة الدماغية، التى يمارسها بعض الصحفيين، حتى ينتبه القارئ لما هو مكتوب. فلم أقصد المقارنة، حيث إن كتاب القذافى من أعظم الكتب التى تنضم إلى «مزبلة التاريخ».
العدد الماضى من ملحق الثقافة، تحدثنا عن مثقفين دخلوا فى حظيرة المثقف الخطير معمر القذافى، وهو الموضوع نفسه الذى شغل معظم الكتّاب: فخرى صالح، محمد على فرحات، شعبان يوسف، ووائل السمرى، وغيرهم.
سهوا، سقطت أسماء تنعمت فى رحاب القذافى، أمثال: يحيى الأحمدى، حسن حميد، ود.صلاح فضل الذى كان عضوا فى اللجنة الاستشارية فى جائزة ليبيا العالمية للآداب/ جائزة القذافى. ود.فضل يتبرأ الآن من علاقته بالقذافى، موضحا أنه كان يعترض كثيرا على إطلاق صفة الإبداع على أعمال القذافى السياسية المراهقة. ولعل من المفيد، الرجوع إلى حوار الزميل سيد محمود مع فضل، بجريدة الحياة المنشور فى 26 أغسطس 2009، حتى نتعرف على أزمة جائزة القذافى التى رفضها الإسبانى جويتيسولو.
ولأن من وظائف الإعلام التسلية سوف أقتطف قطعا من سذاجة القذافى فى كتابه «هنا العالم القذافى يتحدث» الذى بدأه بعبارة مضحكة لنا، وليس له بالطبع: «من حيث كونى مؤثرا فى سياسة العالم فى هذا العصر بأى قدر.. وبأى وسيلة ممكنة، ومحاولا أن أساهم فى خلق عالم حر وآمن، لغرض أن تتمتع الشعوب بالحرية والأمن، وإن شعبى واحد منها. ومن هذا الباب والمبدأ أطرح رأيى فى القضايا والمشاكل الدولية الخطيرة كلما تمكنت آملا أن يؤثر ذلك فى السياسة الدولية بوجه إيجابى».
تيمة الكتاب وأهميته هو أن تضحك من فرط كوميديا الأخ معمر. والـ«يوتيوب» يشهد على ذلك، فمن منا لم يفتحه حتى يستمع، إلى خطابات القذافى، بغرض الضحك. لكن ذلك، لا يمنع أن نشيد بأهمية عناوين الموضوعات التى يتضمنها الكتاب، فهو يتحدث عن مشاكل دولية كبرى، مثل مشكلة الأكراد وأزمة فلسطين والأسلحة البيولوجية والإرهاب والحرية والديمقراطية. الموضوعات مهمة، لكن المعلق مهرج بامتياز.
انهيت الكتاب، وكلى شغف أن أعرف من هو «ابن الجنية» الذى حرره للقذافى، واختار موضوعاته. ولعل الكاتب شعبان يوسف، يستطيع الإجابة على هذا السؤال، فهو واحد من العارفين بخبايا الأمور.
اقرأ مثلا، ما قاله تعليقا فى موضوعات عدة: «أنا أشرح بكل شفافية، لأنى لست خائفا، ولا طامعا، ولا منافقا. أنا صوت ضمير أممى حقيقى، أعرف أن العالم يتقلب، ولم يتغير، وعلينا أن نغيره إلى عالم طيب».
وتابع ما قاله عما كتبه عن مشاكل دارفور وفلسطين وإصلاح الأمم المتحدة والديمقراطية: «ثم إننا لماذا نحن نصنع قنبلة ذرية.. من أجل من؟ إذا كان أحد يقول والله ليبيا ستعمل قنبلة ذرية حتى تضرب إسرائيل هذا مردود عليه، لأن ما يسمى بإسرائيل مثلما قلت لكم: فى قلبها مليون فلسطينى وثلاثة ملايين يهودى..ثم إن الضفة الغربية وقطاع غزة لن تكون فى مأمن لو ألقيت قنبلة ذرية على ما يسمى بإسرائيل ثم سوريا ولبنان والأردن وحتى مصر. هذه المناطق كلها لن تكون فى مأمن من ضربة ذرية ليبية».
يذكر المعمر كل الدول التى تصاب من قنبلة ذرية ليبية، وأورد مصر التى تشارك الحدود مع ليبيا، دون أن يستوعب أن ليبيا ستضر أيضا، ولعله فهم، أو أحد أفهمه أن مطلق القنبلة لا يصاب بضرر حتى لو قذفها داخل بلاده!.
وعلى خطى دمه الخفيف، أو عبطه حينما قال: «أؤيد ترشيح المرأة سواء كانت ذكر أو أنثى!!»، أو نكته: «لولا الكهرباء لجلسنا نشاهد التلفاز فى الظلام»، قال القذافى عن محاولة دخول تركيا الاتحاد الأوروبى أنها تهدد أمن ليبيا.. كيف هذا يا خفيف الدم؟ لا تعرف إجابة منطقية، إلا أنه رئيس «لاسع».